Friday, February 1, 2013

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن "الحتة التانية"


ملحوظة : دي الحتة التانية من البارت ده
اقرأ الحتة اللي فاتت الأول عشان ترابط الأحداث
هتلاقيها هناهون

http://ba7eth-3an-3arosa.blogspot.com/2013/01/blog-post.html

--------------------

الـ "بارتات" السابقة على البلوج
http://ba7eth-3an-3arosa.blogspot.com/

---------------------

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن

"الحتة التانية"

--------------------------------




ما إن أدركت أن هذه "الفراقيع" ما هي إلا قنابل غاز

حتى تلبشت من الموقف
وحاولت الفرار بسرعة


ونظراً لعدم خبرتي في الجري من أمام القنابل،

فقد جرت رجلي الاتنين في مكانهما "حبة حلوين" كأفلام الكارتون،
قبل أن أسمع الـ "ووووووووششش"
لأجد نفسي "أطير جارياً" أو "أجري طيراناً"



تحول الميدان إلى هرج ومرج،

وبدأ البعض في الركض في الشوارع الجانبية،
خصوصاً مع سماعنا لأصوات إطلاق نيران، وانطلاق صافرات الإنذار...
بينما وقف البعض في بسالة أمام هذه الآلات البربرية التي بدأت اقتحام التحرير،
وطبعاً،
كنت أنا كالعادة،
هناك .... بجري بعيد



كنت أجري بينما تتساقط القنابل من كل حتة ومتة،

والغاز الخنيق يصل إلى أنفي المتدمر خلقة، والمصاب بالتهاب الجيوب الأنفية،
ثم ... بدأ الغاز يعمل عمايله ...

أحسست بعدم قدرة على التنفس،
وبدأت الرؤية تتشوش أمامي ...
الخنقة تزيد بشكل بشع ...
أكاد أموت،
أكاد ...

"خد، اغسل وشك بسرعة"


العبارة تخترق سحب الغاز المخيمة على عقلي قبل عيني،

صوت أنثوي مميز،
بينما تدفع صاحبة الصوت زجاجة ماء ...


أمسكت بالزجاجة بسرعة،

رفعتها،
وأغرقت بها وجهي بسرعة ...


ثواني كده!

التلزيقة دي مش غريبة عليا،
دي مش ميه!! .. 


فتحت عيني بسرعة،

طالعت الزجاجة بين بواقي دموعي... 


إيه ده ؟؟ دي كازوزة !! ...

وات ذا هيل إيز ذات .. ؟!


شاب يخطف مني الزجاجة في سرعة،

ليستخدمها في غسل وجه متظاهر آخر، وعلامات البلادة في وجهي ...
لمح الحيرة في وجهي فردد :
الحاجة الساقعة والبصل والخل، أفضل علاج للغازات المسيلة للدموع


طالعته للحظات وهو يوزع "بق" حاجة ساقعة على كل متظاهر شرقان من الغاز،

ثم التفتُ في توهان،
باحثاً عن تلك التي ناولتني الزجاجة،
ليقع بصري عليها، ...


فجأة،

أصبح المشهد بالنسبة لي يتحرك بالتصور البطئ،
وبشكل يعارض بشدة الإيقاع السريع للأحداث ...


الأصوات تخفت في عقلي،

وحيز رؤيتي يتجاوز سحب الدخان،
لأراها بوضوح كقمر يبدد وحشة الظلام ...


معطف أبيض،

وحجاب أبيض،
وكمامة بيضاء برضه ! ...


كل هذا البياض، ووسط أجواء الحرب تلك ...

جعلها تبدو ملاكنا الحارس الذي أرسله الله لإنقاذ المتظاهرين ...
وجهها الملائكي يبدو كشمس تسطع وسط أعاصير البذلات السوداء وسحب الغاز المنتشرة في الميدان،
بينما هي تتنقل كنحلة نشيطة وسط الورد الثائر اللي فتح في جناين مصر،
محاولةً إسعافهم، ومساعدتهم على التخلص من آثار الغاز



"حد يلحقنا بسرعة .... إسعاااااااااااااااااااااااااف" 



فجأة، تسارع الوقت،

وعاد الصراخ،

انتشلتني الصرخة من حالة الانتقال الآني التي كنت أعيشها في عالم آخر ...
رأيت من بعيد صاحب النداء الأخير يعدو حاملاً شاباً تنزف الدماء من رأسه الطاهرة،
أسرعت إليه أساعده على حمله، وأنا أردد : إيه اللي حصل ؟؟


الفتى يلهث غير مصدق :

الكلاب، وقفنا قدامهم نقول سلمية، لقيت رصاصة جت في اللي واقف جنبي على طول ... دول عالم ... عالم بنت ... أنا مش مصدق اللي حصل !!

أسرعنا نجري بالفتى باحثين عن سيارة إسعاف،
لكن الفتى الذي خطف مني "البيبس" منذ قليل اعترض طريقنا : انتو رايحين بيه فين ؟؟



صرخت به : اوعى يا عم، احنا بندور على إسعاف، الواد هيموت

أمسك بتلابيبي فجأة وهو يتكلم بصرامة عجيبة :
انت عبيط ؟ ... لو رحت للإسعاف هيسلموه على طول لأمن الزفت؟ هاته وتعالى ورايا، أنا دكتور

نظرته القوية، وأسلوبه القاطع، دفعانا – أنا والآخر الذي يحمل المصاب معي- إلى الجري وراءه حتى شارع جانبي،
والناس تركض حولنا في كل مكان، بينما يتنامى لمسامعنا صوت إطلاق رصاص ...
وصلنا للشارع، ومنه لحارة جانبية هادئة،
وضعنا الشاب أرضاً، وأسندنا ظهره للحائط، بينما انكب عليه الطبيب يفحصه ...



استمر لعدة دقائق، استخدم فيها محلولا مطهراً، وبلاستر ...

قبل أن يتوقف ويردد:
الحمد لله، الرصاصة عدت من جنب راسه، عملتله جرح سطحي، ممكن يحتاج غرزة، بس هيبقى كويس إن شاء الله


نقلت بصري بين المصاب الذي بدأ في استعادة وعيه أكثر، وبين وجه الطبيب ...

فجأة، سألته : ممكن أشوف الكارنيه أو البطاقة بتاعتك يا دكتور ؟
التفت إلي بهدوء ثم سألني : ليه ؟؟
-        معلش، انت عارف إن محدش يعرف التاني هنا، وأنا لازم أتأكد من حضرتك


هنا، ابتسم ابتسامة مصري واثق من نفسه،

ثم أخرج الكارنيه، وناولني إياه وهو يقول : كده انت صاحبي وكفاءة
أمسكت الكارنيه، كارنيه كلية طب عين شمس ... اسمه "مينا"


أعدت الكارنيه وأنا أعتذر : معلش يا دكتور، انت عارف الظروف

رد في هدوء: ولا يهمك ... كلنا اخوات
صوت رصاص أقرب هذه المرة، جعلنا نفيق للموقف أكثر ...
هتف فيّ وفي زميلي الآخر :
بسرعة، شيلوا المصاب لأي حتة أمان، هوه شوية وهيقدر يمشي لوحده، بس انتو ساعدوه يطلع من هنا



ساعدناه على النهوض وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ...

حاولت أن أفهم ما يقول، لعله عنوان بيته أو رقم هاتف أحد أقربائه ...
لكن جملة محددة اخترقت أذني بشدة: تحيا مصر


اقشعر جسدي بشدة،

وسرت به "كهربة وطنية" خفيفة فكرتني بشعر ظهر توم وجيري لما بيقشعر،
بينما أساعده مع زميلي الجديد ليستطيع السير ...



التفتُ لـ "مينا" مردداً : شكرا يا دكتور

ابتسم تلك الابتسامة السحرية ثانيةً وهو يقول : كلنا فدا مصر يا ريس
هممنا بالانصرف، لكنه نادى علينا مذكراً :
حاولوا تاخدوا شوارع جانبية، وخلوا بالكو من نفسكو ...
وأهم حاجة،
متنسوش تنزلوا بكره تاني يا رجالة 


---------------------



عدت إلى منزلي "متبهدل" بضمير

دخلت المنزل لأجد أبي وأمي وأخوتي وعم حسين البواب وعلي بتاع الطعمية وواحدة معرفهاش بس بتسلم على أمي كتير، وكل من أعرف من العرب والعجم وما بينهما من مساكن،
كلهم في البيت يقفون خلف الباب في قلق ... وما إن دخلت حتى هبطت الأسئلة أسرع من رصاص الداخلية :
كنت فين ؟ إيه اللي حصلك ؟ انت رحت المظاهرات ؟ انت اتجننت ؟ البلد مقلوبة عاجبك كده ؟ ...
ثم أحدهم يردد : انتو مين ؟؟ إيه اللي وداكوا هناك ؟



"استلقيت" آخر واحد وأنا أرد : أنا بتاع الروبابيكيا، حد عنده مرارة مستعملة ؟؟

هنا صرخ والدي في هستيريا : انت بتستهبل ؟؟؟ رايح تموت نفسك ؟ من النهارده مفيش نزول يا روح ...


نظرة نارية من أمي ... جعلت أبي "يعدل" كلامه : يا روح خالتك

ابتسمت في إرهاق مفعم بالسخرية يخفي إحساس النصر الكبير
و .... نزلت برضه تاني يوم

-------------------- 


استطعت النزول في اليوم التالي، ونحن "نقضيها" ما بين كر وفر ...

لكن مع كثرة استعمال خراطيم الماء في هذا الجو "المتلج"،
ومع الاستخدام المفرط لقنابل الغاز،
أصابني الإعياء ولم أعد أستطيع المقاومة ...


وعند عودتي إلى البيت، أعلن أبي الأحكام العرفية،

وعين أخي حارسا على باب شقتنا ليمنعني من النزول

قضيت اليوم الثالث للمظاهرات كله في البيت ...
مابين متابعة الأخبار على الفيس بوك وتويتر،
ومشاهدة مقاطع المظاهرات على اليوتيوب،
ومحاولة إقناع عائلتي جميعا بالنزول يوم جمعة الغضب .


لم يستجب لي أحد،

إلا أختي الصغرى "حياة" التي أصرت على أن تنزل معي،
وعندما كاد السيد الوالد يفتك بها،
قررت المسكينة على الأقل المشاركة ولو بصورة رمزية ...
فأعطتني زمزميتها
"عشان لو حد عطش ... ابقى شربه"



ابتسمت لوطنيتها الطفولية

وبدأت الإعداد للجمعة الفاصلة


جمعة الغضب



...(يُـــــتبــــع)...




Wednesday, January 23, 2013

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن "الحتة الاولانية"

الجزء ده طول منيفهنزله على كذا حتةإنجوي
:)


يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن
"الحتة الاولانية"
--------------------------------

"الواد مبقاش طبيعي خالص" تردد أمي في خفوت
" أنا حاسس إنه محتاج يكشف" أبي يرد في توجس
"هوه فين طبق الجيلي يا جدعان؟" أخي يحشر أنفه كالعادة ،
لكن "تبريقة" من أمي جعلته يعيد التفكير،
قبل أن يوليها ظهره وهو يتمتم "حرام، دانا مضربتش غير طبقين بس!"ه



يعود أبي وأمي إلى همهماتهما التي تصل إلى أذني بسهولة،
وكأنهما يقدمان برنامجاً إذاعياً يستهدف ضربي في مقتل.
يشككون في قدراتي العقلية والاستيعابية والبشرية،
لكني طبعا لا أهتم، وأعود من جديد متابعاً الفيس بوك بعدة مشاعر متناقضة


لا يزال أبي يعطي تحليلاته السياسية :
من ساعة ثورة تونس ما نجحت، وهو جايله هستريا،
شوية يهيص ويزغرط، وشوية يقعد في زاوية لوحده يسمع النشيد الوطني ...
لأ وإيه، مبقاش يدور على عروسة

تهمس أمي: تفتكر يابو تامر ... الواد يعني – الشر بره وبعيد – اتجنن

رد أبي في عصبية : تفي من بقك يا شيخة ... هوه بس ... دماغه لسعت

عقدت أمي حاجبيها في استغراب : إيه ده ؟؟ مش انت قولتلي إنه لاسع من زمان ؟ إيه الجديد بقى ؟


نظر لها أبي في استسلام مشبع بالخنقة،
قبل أن يعود ببصره متابعاً إياي جالساً كأبي الهول أمام الشاشة الفيسبوكية ...

في تلك اللحظات، كنت أتابع في سرية ذاك المخطط الجديد،
بينما قلبي يخفق بعنف كقلب ديناصور طلعله عفريت في الضلمة ...
فمباشرةً، و أمامي على الشاشة، كانت تلك البوسترات تنتشر كالنار في الهشيم،
أو كالكاتشب على حتة البرجر،
أو كالنمل في صينية المهلبية ...

كلها تحمل رقما واحدا يخطف أنفاسك، 25 ...
وكلها تدعو إلى يوم واحد، يوم الثلاثاء، الخامس والعشرين من يناير ...

 شعور غريب بعدم التصديق الممزوج بالفرحة يتخلله خوف مشروع
بينما تتجمع سحب من القلق لتغطي المنطقة العليا من رأسك
مسببة هطول أمطار من الحيرة على أنحاء متفرقة من الدماغ ...

أطالع صفحة الدعوة إلى النزول،
بينما روائح الحرية الطاهرة القادمة من تونس تدعوني في شوق "إني آخد نفس" ،
غاسلاً رئتي الملوثتين بظلم السنين العجاف...

رائحة مغرية لخليط من الحرية بيستوي على نار هادية منذ أكثر من 30 عاماً ...
لذا فقد حسمت قراري، ثم ضغطت على "أتند" بكل ما أوتيت من قوة ...
وعيني تطالع عدد الحضور الذي يتزايد في صفحة "الإفنت" في شغف،
ومع كل رقم جديد،
تزداد تلك القشعريرة في جسدي ...
وتتوغل،
وتتوغل،
وتتوغل

فاضي توغل فاضي كراسي ... توغل جيزة
احم
هذه قصة أخرى هنبقى نحكيها


------------------------------------------


"خليكو جنب بعض يا جماعة ... متخافوش"

يوم الخامس والعشرين من يناير،
وهذا الصوت يتردد في الأمام، حيث لا أراه ...
لكني كنت منشغلا عنه بالالتفاف حولي
فاتحاً فمي في بلاهة ديناصور فرعوني من بتوع خوفو
فوجئ بنفسه يتسوق في سيتي ستارز دون أن يطارده العيال بتوع "العبيط أهو" ...

لم أكن أصدق عيني، وأنا أطالع كل هذا الحشد من الناس ...
كل هؤلاء فعلا لم يضغطوا على "الأتند" اعتباطاً و"ينفضوا" ...
لقد قرروا بالفعل النزول حاملين أعلامهم في كف، وأرواحهم في الكف الأخرى

أرى من بعيد العديد من سيارات الأمن المركزي،
يختفي في ظلها عدد من الضباط ينظمون شطرنج العساكر على رقعة الشارع ...

الجنود المتحفزون يرتدون خوذاتهم ويشحذون هراواتهم،
بينما يتلقى كبيرهم "أبو نجوم" تعليمات تحريكهم في هذه اللعبة
من خلال اللاسلكي الذي يزن بعصبية واضحة في يده ...


لكني هذه المرة، كنت "أنا" مختلفاً
لم أعد خائفاً، لم أعد جباناً،
لم أكترث لعددهم ولا "سحنهم" الغليظة
لقد كنت منفصلاً تماماً عن زمانهم هذا،
لقد كنت بالفعل أعيش النشوة التونسية

"عيش ... حرية ... كرامة إنسانية" ...
يردد أحدهم الهتاف، فيهدر الجمع ورائه بحرقة سنين وكبت عقود ...
نصرخ في لوعة، تكاد حناجرنا "تفط" من مكانها ...

يقترب مني هذا الشاب وهو يردد :
شايف، الناس نزلت بجد، الناس مبقتش خايفة، احنا فوقنا خلاص

لسانه يلقي بالكلمات، وعيناه تحاولان حبس دموع تحجرت في مكانها منذ وُلد،
عيونٌ لم تشاهد في حياتها قط غير هذا الصنم "المتنبل" في أعلى هرم السلطة،
وتلك الحاشية "المترصصة" في باترينة الحكم ...

لم يتمالك نفسه،
أمسك بي يهزني ودموعه تتساقط :
-        احنا أحرار يا جدع، خلاص محدش هيقدر يخوفنا تاني، محدش هيقدر علينا تاني

أخذ يهزني بقوة كأنه يرج علبة عصير فرجللو،
حتى أوشكت نظاراتي على السقوط،

لكني لم أمنعه،
فمع كل هزة كان ينثر عنّي غبار ذُلٍ احتل جسدي منذ سنوات حتى خيل له أن جسدي "تمليك"،
كان يوقظني من جاثوم السلبية الأزلي،
ليضعني على أول خطوة في طريق الحرية ...

توقف عن هذا الزلزال الجشدي
ثم استلقينا في أحضان بعضنا نبكي بمرارة ...
لقد استعدنا حقنا في الحياة

----------------------------



ظللنا نهتف جميعاً،
ونتحرك في حماس ونشاط صنعه هذا الحشد المصري الصميم،
الذي لم تكن تراه إلا في صلاة جمعة او عزومة رنجة

ثم انتقلت تظاهرتنا إلى التحرير،
لأفاجئ هناك بهذه الأجساد الطامعة في الحرية،
والتي غطت أرضه حتى لم تعد ترى الأسفلت تحتك،
بينما تتردد أخبار ان عددنا قد وصل إلى 30 ألفاً!! ...


ياللهول، داحنا فعلا كتير !
أخذنا نهتف بشدة مع ذلك الشعب الرائع،
نهتف حتى تبح أصواتنا، ثم نتوقف لبرهة ونجلس أرضاً لنرتاح قليلا،
بينما "ذوو الملابس السوداء" يبدون صامتين كالأهرامات،
مترقبين كالقطط الخائفة،  
لكنهم مع ذلك، يحيطوننا بشكل حصاري مطبق ...

أسدل الليل عبائته المظلمة فوق رؤوسنا،
ليتوحد لونياً مع بدل الضباط وقلوب الحكام،
بينما نحن مستمرون في الهتاف، الذي تحول إلى "الشعب يريد إسقاط النظام"...
شعار هزنا جميعا وتوحدنا خلفه لا إرادياً،
وكأنما كنا "بندور على عيل تايه"،
شعار لخص معاناة جيل بأكمله ..

بعدها، في أحد فترات الراحة،
تعرفت على الشاب "اللي كان عمال يهزني فايبريشن" ...

اسمه "حسن"،
لم يزد عن ذلك، لأنه أفهمني أن عناصر أمن الدولة "مرشقين" أكيد في كل حتة،
وربما أكون أنا منهم، لذلك لن يستطيع مصارحتي بالمزيد ...

أومأت برأسي متتفهماً وأنا أردد :
كلنا يا عزيزي أمن الدولة

نظر لي بترقب،
فاستدركت : قصدي ... كلنا مقلقين من أمن الدولة يعني

راقبني بضع لحظات بطريقة المسح الشمولي،
ثم نقل نظره ببطء للسماء "المرشقة" بالنجوم ...
سكت برهة ثم قال:
-        تفتكر يا "تامر" ... هنعمل حاجة بجد ؟؟

رددت بثقة : إن شاء الله طبعاً ... ده انا مكنتش متخيل إن ربع العدد ده ممكن ينزل

سكتة أخرىمنه، توحي بالغوص في بحر عميق ... ثم قال :
 يا رب ننتصر ... احنا تعبنا بجد من الذل ده

كان "حسن" يبدو شاباً ميسور الحال،
ملابسه "تيمبر لاند"، كاوتشه "أديداس" موبايله "آيفون" ...
لا يبدو أنه يريد "عيش وملح" والحوارات دي ...
إنه فتىً يبحث عن الكرامة التي كان مبارك يرتديها اسفل نعله كل يوم،
واضعاً أحلام الشباب وآدميتهم في قبو قلعته الأمنية المحصنة

ظل "حسن" شارداً لفترة،
حاولت أن أسري عنه، فقلت له وأنا أشير إلى السماء:
-        متقلقش يابو علي، الناس كلها مبسوطة ومستعدة تضحي ... حتى بص، دول بيضربوا صواريخ في الهوا وبيحتفلوا

هنا، اتسعت عينا "حسن" في ارتياع وهو يهب واقفاً ساحباً يدي معه :
-        حاسب ... دي قنابل غاز يا أهبل ... اجري ... اجرييييييييييييي

وتلبش الموقف بغتة
.
.
.
.

(يُتـــبع)
.
.
.



Saturday, July 10, 2010

يوميات باحث عن عروسة – بارت زيكس


عندما تكون في مرحلة الدراسة، تكون كل أمنيتك في الحياة – قبل ما تموت - ، أن تتخرج وتنتهي من جبل الكشاكيل والملازم والمحاضرات وتصوير الورق أبو شلن للطلبة ...
لذا تظل تحلم بهذا اليوم كسندريلا تحلم بفردة حذائها المفقود منذ خمسة قرون، ليصير طموحك في الحياة أولاً وأخيراً لا يتعدى اثنان لا ثالث لهما: التخرج والزواج ... حتى أضحي السؤال التقليدي "نفسك تطلع إيه يا حبيبي؟" له إجابة غير تقليدية " نفسي أطلع من المدرسة دي" أو "نفسي أخلع من أم الكلية دي"

وما إن يحصل الفتح، ويُرفع البلاء، وتكتشف إنك بسلامتك اتخرجت ... حتى تفاجئ بفاجعة السنين، وحوار الأجيال المتحورة، وصدمة الإبل العقيم ... لقد بدأت أولى خطواتك في بحر الظلمات المسمى "دنيا" بكل ما تحويه من طرق مظلمة لا تحتوي عمود إنارة واحد سليم، تماما كحال شوارع حكومتنا المصونة، ولتبدأ التخبط في أمواج من الهموم التي تغرقك لتؤكد لك معنى "مطفحتش من نيلها يا محترم؟"...
هذا – طبعا- ما لم يتواضع الجيش ويقبل بك عضوا في صفوفه العسكرية، حتى تحصل على "شرف" الانضمام والتهزيق والمرمطة ..

لذا ... كنا نطلق على من نجح في المرور بتلك الصعاب، ثم استطاع الزواج، بأنه "دخل دنيا" ... دعك طبعا من أن 99 بالمائة من المتزوجين يعلم بأن ما دخله هو الجحيم متنكرا في شكل قفص ذهبي، لكنه على رأي السيد الوالد "شر لا بد منه" ...

ومن هذا المنطلق الذي انطلق منطلقا ليطلق بالثلاثة، فقد اتخذت قرارا مصيرياً ... ما دمت أنا الذي "تمرمط" في هذه الدنيا الكئيبة، وما دمت أنا – بسلامتي- الشخص "اللي هيلبس" ويقوم بشراء شقة، ثم تجهيزها، ثم التكفل بالفرح والليلة كلها ... إذن فمن حقي كمواطن مصري ... احم ... آسف، نسيت إن المصري حقوقه اتلغت في الفيرجن الجديد من الدستور ... إذن فمن حقي كشاب يرغب في الزواج، وسيدفع "دم قلب اللي جابوه" في هذا المشروع الاستثماري ... أن يكون لي شروط ترضيني بأن أخاطر هذه المخاطرة الغير محسوبة ... وقد كان

----------------------

نظر لي "مراد" صديقي الصدوق نظرة استغراب، بينما عينه تشملني "رايح جاي" كماسح ضوئي يتأكد من خلوي من أي بونبون نووي ... ثم ردد :
- نعم ياخويا ؟ ... أجيبهالك منين واحدة عندها عين خضرا والتانية زرقا يعني ؟

- مليش دعوة ... دي مواصفاتي ... كفاية إني مقولتش عايزها بعينين خضر بيقلبوا بليل أزرق نيلي وبعض الضهر عسلي بقشطة

كوّر "مراد" قبضته في نفاد صبر، وكاد يمارس في جسدي الهزيل رياضة الملاكمة التي يهواها ... لولا أن تراجع للحظة، ثم .. شهيق عميق، زفير حار ملسوع ... وقال وهو يجز على أسنانه التي عانت مني "البلاوي" :
- يابن الحلال ... خليك عاقل وواقعي شوية ... اللي انت بتطلبه ده لما نبعت نجيبلك حاجة دليفري من المريخ ... أما نعمل تجارب إشعاعية على واحدة ألمانية براسين ... أما نمسك قطة عورة نمسخها بني آدمة ... إنما بنات الناس مفيهمش الكلام ده يا محترم

- حاجة غريبة ... يعني الواحد ميتمناش يعني ... ده أنا هكع الشئ الفلاني، وهجيب شقة و هــ ...

- يا عم الحاج فلقتنا بأفكارك بتاعة الفكر الاستعماري دي، يعني مش دي في الآخر شقتك ومراتك والبانيو بتاعك .؟

- والصابونة الكامي كمان

- ماشي يا ريس، أنا موافق ... ومفيش مشاكل تشرط كمان، بس بعقل

- خلاص خلاص ... هتنازل عن موضوع العيون ده بس، ممكن يبقى لون واحد مفيش مشاكل ... غير كده نو واي

- ماشي يا عم الـ "وان واي" ... شروطك معايا ... هدورلك وأرد عليك

- أوكي يا ماي فريندز

- فريند بس عشان مفرد يا جاهل !!

كان هذا قراري الفلكي الكومبو، سيصبح لي شروط في زوجة الغد "زيي زي بقية الخلق"، ولن أتنازل عن هذه الشروط .... أبدا

------------------

بعد أسبوع

- إيه يا مراد ... مفيش إنيسينج نيو ؟؟
- مرارتي يا عم الحاج فرز تالت ومبتستحملش ... كلمني زي ما بكلمك وارحمني
- قصدي مفيش حاجة جديدة ... لازم أترجملك يعني ؟؟
- الموضوع مش موضوع ترجمة ... المشكلة إن شكل في قطة لعبت بلسانك صلح وانت صغير ... نهايته، لسه بدورلك يا عم، اتقل شوية

-------------------

بعد 28 يوم

- مراد ... عامل إيه يا ريس ؟
- كله تمام
- ها ... لقيت عروسة كويسة ؟
- مواصفاتك صعبة، كأني بدور على إيميل تايه في صفحة السبام ... اصبر شوية يا عم

طبعاً ... سأنتظر ... فأنا لن أتنازل عن هذه الشروط .... أبدا

-------------------

شهر ونصف

- مرااااااد ... حبيب هارتي ... واحشني فحت لدرجة ...
- لسه يا عم ... مفيش جديد
- .............

لن أتنازل .... أبدا

------------------

3 شهور

- مراد
- نعم ؟
- إيه ؟
- لسه

لن أتنازل ... بس مش قوي يعني

-----------------

3 شهور ويومين

- تامر
- نعم ؟
- ابسط يا بتنجانة .... لقيتلك عروسة
- يامانتاااااااااا كريم يا رب ... و ... إيه ؟
- زي ما طلبت ... بتنور في الضلمة، تلات سرعات، ضمان سنتين بالتاتش سكرين
- هنهرج يا عم الحاج ... أنا أعصابي بايظة خلقة وعاملة زي الجيلي بالكاتشب ... اتكلم على طول
- بص ... واحدة متدينة، وحافظة قرآن، أهلها ناس محترمة جدا وسألت عليهم بنفسي
- و ... هيه، إيه النظام ؟

نظر لي نظرة خبث بينما ابتسامة صغيرة تكشف عن بعض أسنانه البيضاء ... الخبيث، لا أعلم لماذا يستمتع البعض بتعذيب الآخرين وإحراجهم، أعتقد أنها إحدى عقد السادية التي لا تزال تتوارثها إنسانيتنا "المقطئطة" ... قطع أفكاري وهو يتابع :
- البنت ... آه ... بص يا باشا، اتفضل، المواصفات باعتهالك الوسيط

مد يده بورقة مطوية، وكأنه يمد لي بأسرار تصنيع حلاوة الرشيدي الميزان، اختطفتها بلهفة كما لو كانت تحوي وصفة الشباب الأبدية ... فضضتها وبدأت في القرآءة و ...
لمعت عيناي في نصر مظفر كأحد مصابيح أضواء الأفراح الملونة ... مددت يدي مصافحاً وأنا أردد :
- ميه ميه ... جو أهيد ماي بروزر ...
- ارحم أهلي !!

----------------------------

في صالون منزل العروسة، جلست – بكامل قواي العقلية – مع والد المحروسة – العروسة مش مصر - ... كان والدها من الناس الذين تستأنس بكلامهم، تحدث في كل شئ : السياسة والعلوم والزراعة والبطيخ، الأزمة النووية وعلم الانشطار ودودة القز واللي مقزش، ارتفاع الأسعار وتحديد النسل وأزمة الانترنت وطريقة تقفيل نييد فور سبيد ... باختصار، نشرة أخبار ملخصة للأحداث الأخيرة، لكنك لا تمل من حديثه أبدا ...
أبدا ... حتى تدخل العروسة

فما إن دخلت الأخت الفاضلة ... حتى نسيت كل وصلات المواضيع بيني وبين والدها، ولم أعد أعرف هل دودة القز هي المسئولة عن الانفجار السكاني، أم أن البطيخ محظور لأنه يستخدم في المفاعلات النووية ... لايهم، فليذهب كل هؤلاء إلى القمر مشياً أو ببسكلتة، ولأركز أنا في التخطيط لمستقبل حياتي "المشعشع" ...

فعلا، الورقة كانت – ولأول مرة منذ بدأت مشوار البحث إياه – كانت صادقة في الوصف ... فتاة جميلة، شقراء، متوسطة الطول ... تشبه كثيرا فرع مدينة نصر في ألمانيا ... بالتأكيد مدينة نصرهم تغطي كل أنحاء جمهوريتهم الاتحادية، فكل من عرفتهم من ألمانيا كانوا يبدوون كما لو كانوا خرجوا للتو من غسالة صحون فول أوتوماتيك وهم يقطرون لمعانا ونظافة ...

نعود للعروسة ... كان وجهها مريحا جدا، وعيناها – صدق أو لا تصدق – خضراواتان، تذوب فيهما غرقا ... رغم أن بهما شيئا ما لم يرحني، ولكن ربما كنت واهماً ...

جلست عروستنا الفاضلة بكل رقة وهي ترتدي حجابا زادها ملائكية من تلك التي تسمع عنها في الروايات، ولا تراها إلا في الأحلام كنسخة للعرض فقط دون اقترابٍ أو تصوير ... ثم دخلت أمها بعد ذلك، الآن تستطيع ان تعرف من أين ورثت الفتاة ذاك الجمال الكوني الآسر ... استرقت النظر إلى والدها، ثم تمتمت حمداً أن جينات الأب لم تلعب لعبة دنيئة في وجه الفتاة المسكينة ...

كان اسمها "حنان" ... يا سلاااااام، يدل على الكثير ... أنا متأكد أن قلبها وحده يحسد نفسه على وجوده في جسدٍ حانٍ كهذا ... المهم ... بدأنا الاستجواب ... أعني ... النقاش

- ازيك يا حنان ؟
- كويسة تمام
رد غريب، وتلقائية سريعة ... مش مهم، نركب منظم
- عندك كام سنة يا حنان
- 17 وداخلة على 18
- وبتدرسي فين ؟
- كلية آداب قسم عبري .. وانت ؟
- خريج آداب برضه، قسم مكتبات ... بس بشتغل في مجال تاني شوية
- مجال إيه ؟
- يعني ... بشتغل مصمم جرافيك
- إيه ده ؟ ... يعني بتعملوا أفلام كارتون ؟

قالتها بفرح مرح، جعلتني أتمنى لو "أتسخط" فيلم كرتون على ديفيدي في التو واللحظة ... لكن هذا –في نفس الوقت- أقلقني شيئا ما، أحب أفلام الكارتون – وهذه حقيقة علمية يجب عليك عزيزي القارئ أن تعرفها - لكني في نفس الوقت لا أحب أن تتأثر العقول بهذه التفاهات التي تبث أفكاراً مخالفة لما اعتدنا عليه و ...

- يعني حضرتك شغال في ناروتو ولا مازنجر ؟؟

أفقت على سؤالها الذي زاد من شكوكي لدرجة جعلت توم وجيري "يلعبوا في عبي" ... لكني رددت عليها :
- احم ... الحقيقة ... مش بالضبط ... أنا شغلي أكتر في البرامج التلفزيونية وما شابهها

أحست الفتاة بخيبة أمل ... ربما كانت تتوقع أن أكون أنا باتمان متنكرا في هيئة شاب مصري يطلب يدها للزواج ، بينما سيارتي الوطواط تركن في الأسفل محتلة الناصية بدلا من عم حسين بائع البطيخ الذي صفيته في ثوانٍ باستخدام شفرات باتمان اللورد .. لكن الحقيقة دائما ما تكون أكثر واقعية

قلت محاولاً العودة بدفة السفينة إلى مجرى نهر حديثنا السابق :
- ويا ترى ... هواياتك إيه ؟؟

هزت رأسها في تفكير وهمي متذكرة .. ثم قالت :
- يعني .. أتفرج على تلفزيون، أقعد على النت، كده يعني
- ويا ترى ... بتقعدي على النت تعملي إيه ؟؟
- بأعمل شات مع صحابي ... بنزل أفلام كارتون ... بلعب جيمز

بدأ الشكل العام لهذه "الدماغ" يتكون امام ناظري ... لكني أحب الأمانة العلمية وأمانة الضمير وأمانة الحزب الوطني ... لذا قررت متابعة التحليل السردي للتجربة، أقصد للفتاة
- ويا ترى حافظة قرآن ؟

ابتسمت ابتسامة طفولية مرددة في حماس مرح :
- أيوه ... أنا رحت المسجد وأنا في ثانوي ... وحفظت جزء عم
- جزء عم بس ؟ ... طيب ومن ساعتها محفظتيش حاجة تاني ؟

هنا تدخلت امها، كعادة كل أمهات مصر اللواتي يحاولن إنقاذ بناتهن من مكاتب الاستجواب وبحور العنوسة وهيئة السكة الحديد، مرددة :
- أصلها دخلت في امتحانات الثانوية العامة وبعدها الكلية فانشغلت شوية ... مش كده يا حنان ؟
- أيوه ... زي ما ماما قالت كده

هممت بأن أشير بيدي إلى "ماما" لتسكت كأي ضابط أمن دولة عريق، ثم اصرخ فيها أن "شات أب" ... لكني أدركت ان هذا سيكون قلة ذوق مني، بالإضافة إلى أن إنجليزيتي في النطق تعود لأيام التعليم في عهد تحتمس الأول ... لذا آثرت سلامة موقفي "عشان متهزقش قصاد البنية" ... ثم تابعت :
- طيب إنتي إيه اهتماماتك ؟ وناوية تعملي إيه بعد التخرج ؟
- ولا حاجة ... هقعد أتفرج على تلفزيون أكتر

قالتها وضحكت ضحكة خفيفة طفولية أخرى ... لألاحظ ذلك الشئ ثانيةً في عينيها ... إنها تلك النظرات، نظرات طفل حائر، لا يدري من الأمر شيئا ... كل ما تفكر فيه هو هو متعة وقتية وعبث غير هادف ... حياتها تلفاز وأصدقاء وألعاب و ... أفلام كارتون "بالعبيط" على ما يبدو

ابتسمتُ في استسلام بينما هي تتابع كيف أنها في دراستها لا تستطيع متابعة المسلسلات كلها، وأن أمها تمنعها من استخدام الحاسوب فترات طويلة، وكيف أن أخاها يشاركها الوقت على الجهاز، فيمنعها أحياناً من الجلوس ... زادت ابتسامتي يشوبها بعض المرارة، ها هي فتاة بكل متطلباتك الدنيوية، جميلة، ساحرة، مفعمة بحيوية الشباب واندفاع الأطفال .. لكنها في الوقت نفسه تعاني خوائا وجدانياً، لا تملك من الثقافة إلا التلفاز، ولا تفكر في مستقبلها، بينما رصيدها الديني لا يتعدى حجابا وجزء عم ..

أكملتُ الجلسة في نقاش مرح، بينما أدركت أن الموضوع لن يتم ... هنا تذكرت قول أخي ذات مرة "أصعب حاجة، لما تقتنع إنك مش هتاخد الإنسانة دي ... لكن مضطر تكمل الموضوع للآخر وكأن شيئا لم يكن، عشان محدش يتضايق"

أنهينا تلك الأمسية الجميلة، شكرت والدها على باب المنزل، وأخبرته أني سأصلي استخارة ثم أرد عليه ... وفي نفسي أنه ربما يجد جديد بعد الاستخارة ...

مرت ثلاثة أيام وأنا أصلي استخارة، بينما يدور الحديث بيني وبين نفسي :
- انت عبيط يابني ؟ ... بعد ما لقيت البنت اللي نفسك فيها، هتسيبها عشان خاطر حاجات بسيطة ؟
- أولا احترم نفسك يا جدع ... ثانيا الحاجات دي مش بسيطة
- يا عم ما هي ممكن تتصلح مع الزمن ... البنت كويسة إديها فرصة
- يابني دي لسه عيلة صغيرة، هتشيل هم زوج وبيت إزاي ؟ ... هتفهم أفكاري وطموحاتي إزاي ؟ ... هتضربني وأضربها إزاي؟ ... انت مشفتش إعلان "الراجل مش بس بكلمته " ؟؟؟ ... عايزنا نعارض الحاكومة
- يا ريس ... فكر فيها كده، الصغير مصيره يكبر ... والورور مصيره يفهم ... ولا انت عاجبك العيشة الناشفة اللي انت مدبسنا فيها دي ؟؟
- ما هو يا أتجوز واحدة قد المسئولية ... يا ما اتجوزش خالص
- جتك نيلة شاب فقري !!

أخذت استشير من حولي من الأهل والأصدقاء ... وهم ما بين مؤيد أومعارض أومنضمٍ لدول عدم الانحياز، حتى استقر رأيي على القرار المصيري ... لأرفع سماعة هاتفي طالبا الانتربول ... أقصد .. مراد:
- أيوه يا مراد ... إيه الأخبار ؟
- كله تمام ... انت اخبارك إيه؟ ... طمني
- معلش يا مراد ... بلغ الناس إن الموضوع قسمة ونصيب

سكت مراد لحظات مرت عليّ كفيل مسرع رايح مشوار اسكندرية وجاي على طول، ثم رد :
- انت متأكد ؟ ... انت عارف أنا دورت قد إيه لحد ما لقيتلك المواصفات دي ؟
- عارف
- وعارف إنك قرفتني آخر قرف إزاي ؟
- عارف
- وعارف أنا راضي بهمك ليه ؟
- عشان الاتنين جنيه اللي سلفتهوملك تروح بيهم ؟
- لأ يا ندل .. عشان انت خنيق بس حبيبي ... حاضر يا ريس، هبلغ الناس وأشوفلك حد تاني
- متشكر جدا يا مراد ... انت أثّرت فيا ... أي ويل كراي
- لا يا عم، "كراي" في حتة بعيد ومتغرقناش ... كفاية السقف اللي بينشع عليا هنا
- شكرا يا مورو ... بقولك إيه صحيح
- خير ؟!
- ابقى قطع ورقة المواصفات اللي معاك يا ريس ... طلع إن الراجل ... فعلاً ... مش بس بكلمته

---------------------

هذه القصة تأتيكم برعاية

المعادلة الرباعية


Friday, February 5, 2010

يوميات باحث عن عروسة - بارت فايف




يوميات باحث عن عروسة – بارت فايف



تثائبت في ثقل مثقل بكل أحاسيس النوم في هذه الدنيا, وكلي يقين أن حتى الأخ دراكولا نفسه لن يكون أكثر حاجة إلى النوم مني في هذا الوقت
... هرشت في رأسي حيث أحس بصداع كومبو، كما لو كان رأسي موضوعا ككرة قدم في ماتش
لنهائي نوادي أفيال أفريقيا ... تبا !! لقد ركل هذا الفيل الغتيت رأسي من جديد
بزلومته الحلزونية، ليعود الصداع يرج رأسي في نشوة أشد ...


أين أنا الآن ؟؟ ... قد تعتقد أني كالعادة أمام شاشة
الحاسوب أمارس هواياتي المفضلة من إصابة نفسي بكل أنواع الأمراض، بدءا من الإرهاق
مرورا بالصداع وآلام الظهر واحمرار العينين وصولا إلى حالة التمبلة الـ "أن
ليميتد" ... أو قد يخطر ببال آخر أن الظروف فرضت علي القيام بدور
"نينة" أطفال لأختي الصغرى "الغلباوية" ...

لكن الحقيقة المزعجة المؤلمة الغريبة فحت، هو أنني راقد
على السرير أعاني من صداع وإرهاق، مع عدم القدرة على النوم !!! ... نعم، ضع ما شئت
من علامات تعجب، فإن لم يكن إنسان في حالتي المزرية لديه قدرة على النوم، فمن
يحتاجها غير زومبي ميت منذ 3 أسابيع ؟

ومع هذه الحالة الروحانية العالية التي تصل بك إلى قمة
التهييس، لم أجد بداً من تضييع وقتي الثمين "الضائع خلقة" في التفكير في
شئ يساعد على النوم .. وماذا يكون هذا الشئ ... أحسنت ... إنه التفكير في عروسة
جديدة عشان أقفل 30 عروسة وأدخل موسوعة جينيز كأكثر الأشخاص نحساً على
وجه الأرض بدل ما ادخل دنيا ...

طبعا مع معرفتي بأني استهلكت أفضل الفرص ولم أنجح فيها،
فقد بدأت في مراجعة لستة "الهوالك" ... ولمن لا يعرفها – خصوصا الشباب
اللي لسه طازة وفي بداية المشوار – فهي تلك المجموعة من العرائس، اللاتي عندما تم
ذكرهن أول مرة، رفعت عقيرتك بصويت يصل صياحه إلى أعمق بحيرة في المريخ – إن كان
المريخ به بحيرات – مستنكرا مجرد ذكر اسمها، لأنها لا تلائمك شكلا أو مضمونا، ولو
حطيت عليها شقة وعربية وبوستين .

أخذت أراجع اللستة بنصف وعي ... هناك سماح بنت عم كرشة
بتاع كشك السجاير، والتي عاكسها نصف شباب الحي وخرج معها في سهرات عاطفية النصف
الآخر... وأيضا سمر عضلات، حائزة على بطولة الجمهورية في المصارعة ثلاث مرات وتدير
الجيم تحت بيت عمتي، التي تراها واحدة من البنات الأكفاء "ولاد البلد
الجدعان"، فعلا، ولاد !!

ثم يخطر ببالي على السريع صديقة اختي التي أخبرتني كم
انها عاطفية وحساسة، هذا شئ جميل ... لكن أن تصل الحساسية للبكاء نصف ساعة حتى
الإغماء لأن أختي أرسلت لها رسالة "بليز كوول مي؟؟" فهذه مشكلة تحتاج
إلى إعادة نظر ونظارة ...

استمرت "داتا بيس" عقلي تلقي بالاختيارات وأنا
ألقفها على صدري ثم أخبطها "هيد" نحو خانة "مش هينفع" ... حتى
وصل الأمر إلى إحراز أهداف بكل كرات العرائس إياها دون جدوى ... يبدو أن هذه
اللستة ستظل "في الباي باي" حتى النهاية ...

فجأة رن هاتفي على النغمة الروشة ... سرينة المطافي ..
التقطته بسرعة قبل أن يوقظ صوته قوات مكافحة الدوشة فتطب على منزلي بتهمة الإزعاج
بينما تترك فرح بنت أم "وي وي" يجلجل في الأفق.

رددت، وعلى الطرف الآخر كان رفيق عمري "مراد"،
وبعد السلامات والاستسلامات والتغتيت على بعضنا البعض، بادرني قائلا :

- بقولك إيه يابني ... عندي عروسة

- يا عم ما قولنا كفاية ... قفايا مبقاش مستحمل ضرب خلاص

- لا يا عم ... دي حاجة متنقية، وعلى ضمانتي

- قول طيب

دردش معي في مواصفات تبدو معقولة ... ثم أعطاني رقم هاتف
والدتها لأن والدها يعمل بالسعودية، وطلب مني الاتصال بها، وإخبارها أني من طرف
"مراد" ...

أخبرته أني سأنتظر قليلا حتى يزول عني ما أظنه دور برد،
لكنه أصر أن "لا تؤجل عروسة اليوم إلى الغد"، و"رؤية في اليد خير
من عشرة في الشباك" ... أخبرته أني سأتركها للتساهيل

-------------------------

صباح اليوم التالي ... أحسست اني أحسن حالا، ولو أن
حرارتي لا تزال "ملسوعة حبتين"، لكني قررت الانطلاق إلى معتقل أبو زعبل
... أقصد، مقر العمل ... فارتديت ملابسي ونزلت السلالم زحلقة من على الدرابزين
كأجدع واد شاطر ...

بعد الانتهاء من العمل، استقللت ميكروباص من نوع
"احشر على قد ما تقدر"، ووجدت فيه مكاناً لنفسي يسع دجاجة مصابة بأنيميا
وفقر دم وتعيش بجناح واحد، لكنه مكان على أي حال ..

وبينما أنا في هذه "السعة الميكروباصية"، خطر
ببالي ان أتصل بأم العروسة "وأهو الواحد يسلي نفسه لحد ما يوصل" ...
أخرجت موبايلي بعد أن فرتكت صدر الرجل على يميني من تريحتي عليه، وكدت أقذف بالذي
على يساري وأنا أخرج الموبايل من جيبي ... اعتذرت لكليهما وهما يكادان يفرتكاني
بنظراتهما، ثم اتصلت بالرقم الذي أعطاه لي "الوسيط"، وأخذت أجمع الاسم
الذي أخبرني به "مراد" حتى تذكرت، "أم سارة"، ياله من اسم
موسيقي ... يدل على الجمال والطيبة و ...

- ألو

باغتني الصوت فجأة ... كان لصوت طفل صغير .. فرددت :

- أيوه ... ممكن أكلم ماما يا حبيبي ؟؟

- ماما مين ؟؟

- ماما مين ؟؟ ... ليه ؟؟ ... همه كام ماما عندك يابني ؟؟؟

- انت مين ؟؟

- قولها واحد من طرف ...

تك ... قفل السكة ... العيل ابن الـــ ... ناس ...

طلبت الرقم ثانية ... أول ما رد الطرف الآخر ... انفجرت

- يعني مش عيب كده ؟؟ ... ينفع تقفل في وشي السماعة ... انت إيه ؟؟

هنا بادرني صوت أنثوي ساحر :

- معلش ... أصله عيل صغير، مكانش قصده

ارتبكت لهذا الصوت ... فتنحنحت ثم رددت :

- لا ... لا لا ... أبدا ... هههه ... دول شباب صغير .. أنا عاذرهم

- مين معايا ؟؟

- احم ... أنا ... أنا مين ؟؟؟

- هنهزر يا استاذ ؟؟؟

- لا مش قصدي ... أنا "تامر" ... كنت عايز أكلم "أم
سارة"

- طيب ثواني

غاب الصوت لبعض الوقت ... ثم عاد من يرد :

- أيوه .. مين معايا ؟؟

- أيوه يا حاجة .... أنا "تامر" .. من طرف "مراد"

- "مراد" مين يابني ؟؟

"الله يجازيك يا عم "مراد" ... وعاملي فيها واصل" .. رددت بالكلمات في
سري داعيا عليه أن يدوخ على عروسة قبل ما يتجوز جزاءا لهذا الموقف المحرج ... لكني
تذكرت فجأة إنه متجوز ومخلف وأنا اللي لسه صايع ... فعدت أكلم "أم سارة"
:

- "تامر" يا حاجة ... يعني ... انت عارفة بقى

- عارفة إيه يابني ... هوه انت بتاع السمك ؟؟ ... انت مجبتش بوري ليه يابني

- لأ يا أمي ... سمك إيه ؟؟ ... أنا التاني

- أيوه أيوه ... مش تقول

- معلش بقى

- وانت هتيجي تشوف الحوض امتى بقى ؟

- حوض إيه ؟؟

- مش انت السباك يا جدع ؟؟

- لأ حضرتك ... أنا ..

ثم نظرت لتلك الأجساد
التي تحاصرني في الميكروباص ... وخفضت صوتي قدر استطاعتي قائلاً :

- "تامر" يا حاجة ... العريس

مع ثقتي بأن صوتي كان منخفضا كما لو كنت أشي بسر من
أسرار مفاعل "ديمونة"، إلا أني أحسست ان أنظار الجميع في الميكروباص
توجهت نحوي في شغف، بينما صوت أم سارة يدوي في التليفون :

- يوووووه ... معلش يابني ... سامحني والله ... مخدتش بالي ... أصل الواحد
مشغول بالبيت والعيال وانت عارف بقى والكيت كيت كيت ...

استمرت هي في طوفان اعتذاراتها وأنا احاول تهدأتها
وطمأنتها وإخبارها أن "مفيش مشاكل"، حتى انتهت من قاموس اعتذاراتها
وبدأنا الحديث "الجد وجداني" :

- بصي يا حاجة .. أنا قلت أكلمك الأول، عشان نفهم ظروف بعض قبل أي خطوة

- عين العقل يا حبيبي

- أنا بس حابب حضرتك تعرفي وضعي إيه ... أنا جرافيك ديزاينر في ..

- جفاريك إيه ياخويا ... ده عيا وحش ؟؟؟

هنا أدركت أن الأم من هؤلاء الناس الطيبين "ربات
البيوت"، الذين لا يعلمون عن الكومبيوتر سوى أن الأولاد "بيلعبوا عليه
العاب" وعن النت إنه "مليان حاجات وحشة" ... لذا قررت اختصار
المشوار على كلينا

- ممكن تعتبريني موظف يا حاجة ... بس ده اسم الوظيفة

- طيب ياخويا ... ربنا يصرف عنك

- المهم إن مستقبل الوظيفة كويس ... وبدور على شقة حاليا و ...

- انت لسه يا حبيبي بتدور على شقة ؟؟

- أيوه ... في مشكلة ؟؟

- لأ ... بس ... انت لسه ملقيتش شقة ... يبقى هتتجوز فين وامتى ؟؟؟ ...
وهتضمن منين إنك هتلاقي بسرعة ؟؟ ... و...

- طيب ... ممكن آجي لحضرتك ونتكلم ؟؟؟

- تنورنا ياخويا ... تحب تييجي بكره بعد العشا ؟؟

- أوكي ... ميعاد كويس ... نو بروبلم

- نعم ؟؟؟

- قصدي ... مفيش مشاكل

أغلقت الهاتف ... وأرجعت ظهري للوراء قليلا، لكن سرعان
ما اكتشفت ان هناك شلة كاملة من البشر تمنعني من ذلك ... ثم رفعت عيني، لأفاجأ
بنظرات الناس كلها نحوي ...مابين شفقة واهتمام وسخرية وتشفي ...

ردد الرجل الجالس على يميني :

- ليه يابني قلتلها إنك بتدور على شقة لسه ؟؟ ... خلي الحاجات دي لبعدين ..

ثم سمعت صوتا أمامي بكرسيين يردد :

- وبعدين روح شوف البنت الأول وبعدين اتفق على كل حاجة ... افرد ما عجبتكش ؟؟

وافقه صوت صادر من اللامكان :

- فعلا ... الحاجات دي بتبقى قسمة ونصيب ... شوف نصيبك الأول وبعدين ابقى عك
زي مانتا عايز

نظرت للناس مذبهلا من معرفتهم لكل التفاصيل، ومن
اهتمامهم للاستماع لمكالمتي ... كما لو كانوا مكلفين من الإف بي آي لتعقب كل من
تحدثه نفسه "بينها وبينه" أن يتزوج ...

هنا ... مالت علي تلك المرأة العجوز برأسها من السقف
مرددة :

- بقولك ياخويا ... هوه إيه "الجَرَافاك" ده ؟؟ ... بيصرفوا فيه
معاشات ؟؟

هيه ناقصاكي يا ستي انتي كمان ؟؟؟


-----------------------------

المكان : بيت العروسة

وصلت في الميعاد ... لا زلت أحس ببعض السخونة ... ويبدو
أن لدي أعراض رشح ما .. لكني أظن أني بخير حال ... ما دمت لم أسقط أرضا في غيبوبة
أو أتحلل فجأة في الهواء أو يخرج من بطني فضائي ما فأنا بخير، بكل خير

حضرت الأم، ثم تبعتها ابنتها ... كانت هادئة، ذات وجه
طفولي، ومع صوتها هذا، أظن أنها مثالية و "سو بيرفكت"

بدأت أتحدث مع والدتها والفرحة تزداد في خلايا جسدي
المفحوتة ..

- وانت يابني لسه هتشوف شقة ؟؟

- أنا ماشي في كذا مشوار يا حاجة ... ومستني بس ردود الناس

أحسست بدغدغة في انفي

- وغالبا كلها شقق كويسة في أماكن قريبة

الدغدغة تزيد

- ويمكن واحدة فيهم كمان تبقى قريبة من بيتكم هنا

أرغب في العطس بشدة

- وعلى العموم هعرف الرد قريب

الرغبة تكاد تصل إلى المحك

- يمكن في خلال أسبوع .... أو ... أســـ .... بو ....
آآآآآآآآتششششششششششششووووو

أخرجت منديلا كتمت به عطستي بسرعة ... ثم ...
آتشوووووووووو أخرى .... استجمعت نفسي قليلا ظاناً أن العاصفة انتهت، ولكن ....
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآتشششششششششششششششششششششوووووووو

- آخر واحدة دي كانت صاروخ ...

قلتها وأنا أضحك ... مسحت فمي وعدت للحديث و ...

فوجئت بنظرة الأم وابنتها ... نظرات ملتاعة متسعة كعين
الصيرة، خائفة كماو لو كانت تشاهد بطة عرجاء برأس فأر وذيل سحلية ... نظرا لي ....
ثم صرخت الفتاة في هستيريا

أخذت تصرخ وتصرخ ... حتى أحسست وكأني لص هجم على منزل
أميرة لم ترى في حياتها بشريا آخر على وجه الأرض ... حاولت تهدئتها، فصرخت أمها في
غضب ممزوج بالهلع :

- إيه اللي انت عملته ده ؟؟؟ ... إيه اللي انت هببته ده ؟؟؟

- هببت إيه بس ؟؟؟

- بتعطس ؟؟ ... وعندنا في البيت ؟؟

- إيييييه ؟؟؟ ... هوه العطس عندكو شتيمة ولا كلمة قبيحة ؟؟

- انت عايز تموتنا ؟؟ ... عايز تعدينا ؟؟

- أعديكو إيه بس ؟؟ .... مانا حطيت منديل

هنا صرخت الفتاة بصوتها الجميل الساحر :

- انت كده هتجيبلنا "سوين فلو"

رغم صعوبة الموقف، ورغم انها كانت أول مرة تتحدث فيها "سارة"
منذ جلسنا، لكنها كانت أحلى "سوين فلو" سمعتها في حياتي، ولولا هذا الـ
"سيتيوويشن" لطلبت منها أن تعيدها من جديد مرارا، بل وربما سجلتها لها لأنشرها
كأغنية "سينجل" و ...

- انت إنسان مستهتر ... و .... و ... و ... مش عارف بتعمل إيه

ياللفتاة الطيبة ... تحاول جاهدة أن ترميني بألفاظ بشعة
... لكن قاموسها الملائكي لم يعرف هذه الـ ...

- وجاهل ... وعربجي ... ومعفن ... و"سو
ديرتي"

آآآآه ... واضح إن المشكلة عندها بس إن الاستدعاء بطئ
... لكن القاموس لسه بخيره

تركتهما تنوحان وتبرطمان ... وتوجهت خارجا من باب الشقة،
ثم التفت إليهما ... و"رحت مديها عطسة ع السريع" ، وفررت هاربا ...


---------------------

راكبا في الميكروباص ... مستعيدا تلك الأحداث الغريبة
... ورأسي يتمرجح مع حركات السائق يمنة ويسرة ...

أحسست براحة أني لم أسر في طريق إنهاء هذا الزواج، هذا
ما كان ينقص حياتي، زوجة تخاف من العطس، وتغسل الصابون بالصابون، وتنقع مسحوق
النظافة في "ميه بخل" ... لكنها أحداث أضحكتني رغما عن ذلك، يجب أن أفكر
يوماً في كتابة يومياتي تلك لربما استطعت ان ....

- آآآآآآآآآتتشوووووووووووووو

عطسة صاروخية صدرت من ذلك الرجل بجانبي ... التفت إليه
في قرف مرددا :

- مش تحاسب يا عم ؟؟ ... انت عايز تجيبلنا "سوين فلو" ؟؟


-------------------