Friday, February 1, 2013

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن "الحتة التانية"


ملحوظة : دي الحتة التانية من البارت ده
اقرأ الحتة اللي فاتت الأول عشان ترابط الأحداث
هتلاقيها هناهون

http://ba7eth-3an-3arosa.blogspot.com/2013/01/blog-post.html

--------------------

الـ "بارتات" السابقة على البلوج
http://ba7eth-3an-3arosa.blogspot.com/

---------------------

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن

"الحتة التانية"

--------------------------------




ما إن أدركت أن هذه "الفراقيع" ما هي إلا قنابل غاز

حتى تلبشت من الموقف
وحاولت الفرار بسرعة


ونظراً لعدم خبرتي في الجري من أمام القنابل،

فقد جرت رجلي الاتنين في مكانهما "حبة حلوين" كأفلام الكارتون،
قبل أن أسمع الـ "ووووووووششش"
لأجد نفسي "أطير جارياً" أو "أجري طيراناً"



تحول الميدان إلى هرج ومرج،

وبدأ البعض في الركض في الشوارع الجانبية،
خصوصاً مع سماعنا لأصوات إطلاق نيران، وانطلاق صافرات الإنذار...
بينما وقف البعض في بسالة أمام هذه الآلات البربرية التي بدأت اقتحام التحرير،
وطبعاً،
كنت أنا كالعادة،
هناك .... بجري بعيد



كنت أجري بينما تتساقط القنابل من كل حتة ومتة،

والغاز الخنيق يصل إلى أنفي المتدمر خلقة، والمصاب بالتهاب الجيوب الأنفية،
ثم ... بدأ الغاز يعمل عمايله ...

أحسست بعدم قدرة على التنفس،
وبدأت الرؤية تتشوش أمامي ...
الخنقة تزيد بشكل بشع ...
أكاد أموت،
أكاد ...

"خد، اغسل وشك بسرعة"


العبارة تخترق سحب الغاز المخيمة على عقلي قبل عيني،

صوت أنثوي مميز،
بينما تدفع صاحبة الصوت زجاجة ماء ...


أمسكت بالزجاجة بسرعة،

رفعتها،
وأغرقت بها وجهي بسرعة ...


ثواني كده!

التلزيقة دي مش غريبة عليا،
دي مش ميه!! .. 


فتحت عيني بسرعة،

طالعت الزجاجة بين بواقي دموعي... 


إيه ده ؟؟ دي كازوزة !! ...

وات ذا هيل إيز ذات .. ؟!


شاب يخطف مني الزجاجة في سرعة،

ليستخدمها في غسل وجه متظاهر آخر، وعلامات البلادة في وجهي ...
لمح الحيرة في وجهي فردد :
الحاجة الساقعة والبصل والخل، أفضل علاج للغازات المسيلة للدموع


طالعته للحظات وهو يوزع "بق" حاجة ساقعة على كل متظاهر شرقان من الغاز،

ثم التفتُ في توهان،
باحثاً عن تلك التي ناولتني الزجاجة،
ليقع بصري عليها، ...


فجأة،

أصبح المشهد بالنسبة لي يتحرك بالتصور البطئ،
وبشكل يعارض بشدة الإيقاع السريع للأحداث ...


الأصوات تخفت في عقلي،

وحيز رؤيتي يتجاوز سحب الدخان،
لأراها بوضوح كقمر يبدد وحشة الظلام ...


معطف أبيض،

وحجاب أبيض،
وكمامة بيضاء برضه ! ...


كل هذا البياض، ووسط أجواء الحرب تلك ...

جعلها تبدو ملاكنا الحارس الذي أرسله الله لإنقاذ المتظاهرين ...
وجهها الملائكي يبدو كشمس تسطع وسط أعاصير البذلات السوداء وسحب الغاز المنتشرة في الميدان،
بينما هي تتنقل كنحلة نشيطة وسط الورد الثائر اللي فتح في جناين مصر،
محاولةً إسعافهم، ومساعدتهم على التخلص من آثار الغاز



"حد يلحقنا بسرعة .... إسعاااااااااااااااااااااااااف" 



فجأة، تسارع الوقت،

وعاد الصراخ،

انتشلتني الصرخة من حالة الانتقال الآني التي كنت أعيشها في عالم آخر ...
رأيت من بعيد صاحب النداء الأخير يعدو حاملاً شاباً تنزف الدماء من رأسه الطاهرة،
أسرعت إليه أساعده على حمله، وأنا أردد : إيه اللي حصل ؟؟


الفتى يلهث غير مصدق :

الكلاب، وقفنا قدامهم نقول سلمية، لقيت رصاصة جت في اللي واقف جنبي على طول ... دول عالم ... عالم بنت ... أنا مش مصدق اللي حصل !!

أسرعنا نجري بالفتى باحثين عن سيارة إسعاف،
لكن الفتى الذي خطف مني "البيبس" منذ قليل اعترض طريقنا : انتو رايحين بيه فين ؟؟



صرخت به : اوعى يا عم، احنا بندور على إسعاف، الواد هيموت

أمسك بتلابيبي فجأة وهو يتكلم بصرامة عجيبة :
انت عبيط ؟ ... لو رحت للإسعاف هيسلموه على طول لأمن الزفت؟ هاته وتعالى ورايا، أنا دكتور

نظرته القوية، وأسلوبه القاطع، دفعانا – أنا والآخر الذي يحمل المصاب معي- إلى الجري وراءه حتى شارع جانبي،
والناس تركض حولنا في كل مكان، بينما يتنامى لمسامعنا صوت إطلاق رصاص ...
وصلنا للشارع، ومنه لحارة جانبية هادئة،
وضعنا الشاب أرضاً، وأسندنا ظهره للحائط، بينما انكب عليه الطبيب يفحصه ...



استمر لعدة دقائق، استخدم فيها محلولا مطهراً، وبلاستر ...

قبل أن يتوقف ويردد:
الحمد لله، الرصاصة عدت من جنب راسه، عملتله جرح سطحي، ممكن يحتاج غرزة، بس هيبقى كويس إن شاء الله


نقلت بصري بين المصاب الذي بدأ في استعادة وعيه أكثر، وبين وجه الطبيب ...

فجأة، سألته : ممكن أشوف الكارنيه أو البطاقة بتاعتك يا دكتور ؟
التفت إلي بهدوء ثم سألني : ليه ؟؟
-        معلش، انت عارف إن محدش يعرف التاني هنا، وأنا لازم أتأكد من حضرتك


هنا، ابتسم ابتسامة مصري واثق من نفسه،

ثم أخرج الكارنيه، وناولني إياه وهو يقول : كده انت صاحبي وكفاءة
أمسكت الكارنيه، كارنيه كلية طب عين شمس ... اسمه "مينا"


أعدت الكارنيه وأنا أعتذر : معلش يا دكتور، انت عارف الظروف

رد في هدوء: ولا يهمك ... كلنا اخوات
صوت رصاص أقرب هذه المرة، جعلنا نفيق للموقف أكثر ...
هتف فيّ وفي زميلي الآخر :
بسرعة، شيلوا المصاب لأي حتة أمان، هوه شوية وهيقدر يمشي لوحده، بس انتو ساعدوه يطلع من هنا



ساعدناه على النهوض وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ...

حاولت أن أفهم ما يقول، لعله عنوان بيته أو رقم هاتف أحد أقربائه ...
لكن جملة محددة اخترقت أذني بشدة: تحيا مصر


اقشعر جسدي بشدة،

وسرت به "كهربة وطنية" خفيفة فكرتني بشعر ظهر توم وجيري لما بيقشعر،
بينما أساعده مع زميلي الجديد ليستطيع السير ...



التفتُ لـ "مينا" مردداً : شكرا يا دكتور

ابتسم تلك الابتسامة السحرية ثانيةً وهو يقول : كلنا فدا مصر يا ريس
هممنا بالانصرف، لكنه نادى علينا مذكراً :
حاولوا تاخدوا شوارع جانبية، وخلوا بالكو من نفسكو ...
وأهم حاجة،
متنسوش تنزلوا بكره تاني يا رجالة 


---------------------



عدت إلى منزلي "متبهدل" بضمير

دخلت المنزل لأجد أبي وأمي وأخوتي وعم حسين البواب وعلي بتاع الطعمية وواحدة معرفهاش بس بتسلم على أمي كتير، وكل من أعرف من العرب والعجم وما بينهما من مساكن،
كلهم في البيت يقفون خلف الباب في قلق ... وما إن دخلت حتى هبطت الأسئلة أسرع من رصاص الداخلية :
كنت فين ؟ إيه اللي حصلك ؟ انت رحت المظاهرات ؟ انت اتجننت ؟ البلد مقلوبة عاجبك كده ؟ ...
ثم أحدهم يردد : انتو مين ؟؟ إيه اللي وداكوا هناك ؟



"استلقيت" آخر واحد وأنا أرد : أنا بتاع الروبابيكيا، حد عنده مرارة مستعملة ؟؟

هنا صرخ والدي في هستيريا : انت بتستهبل ؟؟؟ رايح تموت نفسك ؟ من النهارده مفيش نزول يا روح ...


نظرة نارية من أمي ... جعلت أبي "يعدل" كلامه : يا روح خالتك

ابتسمت في إرهاق مفعم بالسخرية يخفي إحساس النصر الكبير
و .... نزلت برضه تاني يوم

-------------------- 


استطعت النزول في اليوم التالي، ونحن "نقضيها" ما بين كر وفر ...

لكن مع كثرة استعمال خراطيم الماء في هذا الجو "المتلج"،
ومع الاستخدام المفرط لقنابل الغاز،
أصابني الإعياء ولم أعد أستطيع المقاومة ...


وعند عودتي إلى البيت، أعلن أبي الأحكام العرفية،

وعين أخي حارسا على باب شقتنا ليمنعني من النزول

قضيت اليوم الثالث للمظاهرات كله في البيت ...
مابين متابعة الأخبار على الفيس بوك وتويتر،
ومشاهدة مقاطع المظاهرات على اليوتيوب،
ومحاولة إقناع عائلتي جميعا بالنزول يوم جمعة الغضب .


لم يستجب لي أحد،

إلا أختي الصغرى "حياة" التي أصرت على أن تنزل معي،
وعندما كاد السيد الوالد يفتك بها،
قررت المسكينة على الأقل المشاركة ولو بصورة رمزية ...
فأعطتني زمزميتها
"عشان لو حد عطش ... ابقى شربه"



ابتسمت لوطنيتها الطفولية

وبدأت الإعداد للجمعة الفاصلة


جمعة الغضب



...(يُـــــتبــــع)...




Wednesday, January 23, 2013

يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن "الحتة الاولانية"

الجزء ده طول منيفهنزله على كذا حتةإنجوي
:)


يوميات باحث عن عروسة - بارت سفن
"الحتة الاولانية"
--------------------------------

"الواد مبقاش طبيعي خالص" تردد أمي في خفوت
" أنا حاسس إنه محتاج يكشف" أبي يرد في توجس
"هوه فين طبق الجيلي يا جدعان؟" أخي يحشر أنفه كالعادة ،
لكن "تبريقة" من أمي جعلته يعيد التفكير،
قبل أن يوليها ظهره وهو يتمتم "حرام، دانا مضربتش غير طبقين بس!"ه



يعود أبي وأمي إلى همهماتهما التي تصل إلى أذني بسهولة،
وكأنهما يقدمان برنامجاً إذاعياً يستهدف ضربي في مقتل.
يشككون في قدراتي العقلية والاستيعابية والبشرية،
لكني طبعا لا أهتم، وأعود من جديد متابعاً الفيس بوك بعدة مشاعر متناقضة


لا يزال أبي يعطي تحليلاته السياسية :
من ساعة ثورة تونس ما نجحت، وهو جايله هستريا،
شوية يهيص ويزغرط، وشوية يقعد في زاوية لوحده يسمع النشيد الوطني ...
لأ وإيه، مبقاش يدور على عروسة

تهمس أمي: تفتكر يابو تامر ... الواد يعني – الشر بره وبعيد – اتجنن

رد أبي في عصبية : تفي من بقك يا شيخة ... هوه بس ... دماغه لسعت

عقدت أمي حاجبيها في استغراب : إيه ده ؟؟ مش انت قولتلي إنه لاسع من زمان ؟ إيه الجديد بقى ؟


نظر لها أبي في استسلام مشبع بالخنقة،
قبل أن يعود ببصره متابعاً إياي جالساً كأبي الهول أمام الشاشة الفيسبوكية ...

في تلك اللحظات، كنت أتابع في سرية ذاك المخطط الجديد،
بينما قلبي يخفق بعنف كقلب ديناصور طلعله عفريت في الضلمة ...
فمباشرةً، و أمامي على الشاشة، كانت تلك البوسترات تنتشر كالنار في الهشيم،
أو كالكاتشب على حتة البرجر،
أو كالنمل في صينية المهلبية ...

كلها تحمل رقما واحدا يخطف أنفاسك، 25 ...
وكلها تدعو إلى يوم واحد، يوم الثلاثاء، الخامس والعشرين من يناير ...

 شعور غريب بعدم التصديق الممزوج بالفرحة يتخلله خوف مشروع
بينما تتجمع سحب من القلق لتغطي المنطقة العليا من رأسك
مسببة هطول أمطار من الحيرة على أنحاء متفرقة من الدماغ ...

أطالع صفحة الدعوة إلى النزول،
بينما روائح الحرية الطاهرة القادمة من تونس تدعوني في شوق "إني آخد نفس" ،
غاسلاً رئتي الملوثتين بظلم السنين العجاف...

رائحة مغرية لخليط من الحرية بيستوي على نار هادية منذ أكثر من 30 عاماً ...
لذا فقد حسمت قراري، ثم ضغطت على "أتند" بكل ما أوتيت من قوة ...
وعيني تطالع عدد الحضور الذي يتزايد في صفحة "الإفنت" في شغف،
ومع كل رقم جديد،
تزداد تلك القشعريرة في جسدي ...
وتتوغل،
وتتوغل،
وتتوغل

فاضي توغل فاضي كراسي ... توغل جيزة
احم
هذه قصة أخرى هنبقى نحكيها


------------------------------------------


"خليكو جنب بعض يا جماعة ... متخافوش"

يوم الخامس والعشرين من يناير،
وهذا الصوت يتردد في الأمام، حيث لا أراه ...
لكني كنت منشغلا عنه بالالتفاف حولي
فاتحاً فمي في بلاهة ديناصور فرعوني من بتوع خوفو
فوجئ بنفسه يتسوق في سيتي ستارز دون أن يطارده العيال بتوع "العبيط أهو" ...

لم أكن أصدق عيني، وأنا أطالع كل هذا الحشد من الناس ...
كل هؤلاء فعلا لم يضغطوا على "الأتند" اعتباطاً و"ينفضوا" ...
لقد قرروا بالفعل النزول حاملين أعلامهم في كف، وأرواحهم في الكف الأخرى

أرى من بعيد العديد من سيارات الأمن المركزي،
يختفي في ظلها عدد من الضباط ينظمون شطرنج العساكر على رقعة الشارع ...

الجنود المتحفزون يرتدون خوذاتهم ويشحذون هراواتهم،
بينما يتلقى كبيرهم "أبو نجوم" تعليمات تحريكهم في هذه اللعبة
من خلال اللاسلكي الذي يزن بعصبية واضحة في يده ...


لكني هذه المرة، كنت "أنا" مختلفاً
لم أعد خائفاً، لم أعد جباناً،
لم أكترث لعددهم ولا "سحنهم" الغليظة
لقد كنت منفصلاً تماماً عن زمانهم هذا،
لقد كنت بالفعل أعيش النشوة التونسية

"عيش ... حرية ... كرامة إنسانية" ...
يردد أحدهم الهتاف، فيهدر الجمع ورائه بحرقة سنين وكبت عقود ...
نصرخ في لوعة، تكاد حناجرنا "تفط" من مكانها ...

يقترب مني هذا الشاب وهو يردد :
شايف، الناس نزلت بجد، الناس مبقتش خايفة، احنا فوقنا خلاص

لسانه يلقي بالكلمات، وعيناه تحاولان حبس دموع تحجرت في مكانها منذ وُلد،
عيونٌ لم تشاهد في حياتها قط غير هذا الصنم "المتنبل" في أعلى هرم السلطة،
وتلك الحاشية "المترصصة" في باترينة الحكم ...

لم يتمالك نفسه،
أمسك بي يهزني ودموعه تتساقط :
-        احنا أحرار يا جدع، خلاص محدش هيقدر يخوفنا تاني، محدش هيقدر علينا تاني

أخذ يهزني بقوة كأنه يرج علبة عصير فرجللو،
حتى أوشكت نظاراتي على السقوط،

لكني لم أمنعه،
فمع كل هزة كان ينثر عنّي غبار ذُلٍ احتل جسدي منذ سنوات حتى خيل له أن جسدي "تمليك"،
كان يوقظني من جاثوم السلبية الأزلي،
ليضعني على أول خطوة في طريق الحرية ...

توقف عن هذا الزلزال الجشدي
ثم استلقينا في أحضان بعضنا نبكي بمرارة ...
لقد استعدنا حقنا في الحياة

----------------------------



ظللنا نهتف جميعاً،
ونتحرك في حماس ونشاط صنعه هذا الحشد المصري الصميم،
الذي لم تكن تراه إلا في صلاة جمعة او عزومة رنجة

ثم انتقلت تظاهرتنا إلى التحرير،
لأفاجئ هناك بهذه الأجساد الطامعة في الحرية،
والتي غطت أرضه حتى لم تعد ترى الأسفلت تحتك،
بينما تتردد أخبار ان عددنا قد وصل إلى 30 ألفاً!! ...


ياللهول، داحنا فعلا كتير !
أخذنا نهتف بشدة مع ذلك الشعب الرائع،
نهتف حتى تبح أصواتنا، ثم نتوقف لبرهة ونجلس أرضاً لنرتاح قليلا،
بينما "ذوو الملابس السوداء" يبدون صامتين كالأهرامات،
مترقبين كالقطط الخائفة،  
لكنهم مع ذلك، يحيطوننا بشكل حصاري مطبق ...

أسدل الليل عبائته المظلمة فوق رؤوسنا،
ليتوحد لونياً مع بدل الضباط وقلوب الحكام،
بينما نحن مستمرون في الهتاف، الذي تحول إلى "الشعب يريد إسقاط النظام"...
شعار هزنا جميعا وتوحدنا خلفه لا إرادياً،
وكأنما كنا "بندور على عيل تايه"،
شعار لخص معاناة جيل بأكمله ..

بعدها، في أحد فترات الراحة،
تعرفت على الشاب "اللي كان عمال يهزني فايبريشن" ...

اسمه "حسن"،
لم يزد عن ذلك، لأنه أفهمني أن عناصر أمن الدولة "مرشقين" أكيد في كل حتة،
وربما أكون أنا منهم، لذلك لن يستطيع مصارحتي بالمزيد ...

أومأت برأسي متتفهماً وأنا أردد :
كلنا يا عزيزي أمن الدولة

نظر لي بترقب،
فاستدركت : قصدي ... كلنا مقلقين من أمن الدولة يعني

راقبني بضع لحظات بطريقة المسح الشمولي،
ثم نقل نظره ببطء للسماء "المرشقة" بالنجوم ...
سكت برهة ثم قال:
-        تفتكر يا "تامر" ... هنعمل حاجة بجد ؟؟

رددت بثقة : إن شاء الله طبعاً ... ده انا مكنتش متخيل إن ربع العدد ده ممكن ينزل

سكتة أخرىمنه، توحي بالغوص في بحر عميق ... ثم قال :
 يا رب ننتصر ... احنا تعبنا بجد من الذل ده

كان "حسن" يبدو شاباً ميسور الحال،
ملابسه "تيمبر لاند"، كاوتشه "أديداس" موبايله "آيفون" ...
لا يبدو أنه يريد "عيش وملح" والحوارات دي ...
إنه فتىً يبحث عن الكرامة التي كان مبارك يرتديها اسفل نعله كل يوم،
واضعاً أحلام الشباب وآدميتهم في قبو قلعته الأمنية المحصنة

ظل "حسن" شارداً لفترة،
حاولت أن أسري عنه، فقلت له وأنا أشير إلى السماء:
-        متقلقش يابو علي، الناس كلها مبسوطة ومستعدة تضحي ... حتى بص، دول بيضربوا صواريخ في الهوا وبيحتفلوا

هنا، اتسعت عينا "حسن" في ارتياع وهو يهب واقفاً ساحباً يدي معه :
-        حاسب ... دي قنابل غاز يا أهبل ... اجري ... اجرييييييييييييي

وتلبش الموقف بغتة
.
.
.
.

(يُتـــبع)
.
.
.